أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

الذكاء العاطفي

تريد مغادرة المجموعة؟ اقرأ هذا المقال

قبل فترة في مجموعة واتساب خاصة بأهلى، حدثت بعض النقاشات و من ثم الخلافات التي تبعتها موجة عنيفة من مغادرة المجموعة من قبل الأعضاء.  بحمد الله و بعد جهد كبير و جولات دبلوماسية مقدرة، تمكن المشرفون على المجموعة -جزاهم الله خيرا- أن يلملموا الأمر و استطاعوا تهدئة النفوس و أقنعوا عددا من الأعضاء بالعودة إلى المجموعة. 

مغادرة المجموعة

في ذلك الوقت، كتبت مقالاً عن أسباب المغادرة و بعض المقترحات التي أرى إنها يمكن أن تقلل من ذلك الأمر و تجعل الحياة في عالمنا الافتراضي -و حتى الواقعي- تجعلها أجمل. اليوم أعيد نشر المقال بسبب أني لاحظت أن الإشكال ما زال قائماً في عدد من المجموعات الأخرى في الواتساب

في مجموعات الواتساب، في أحيان كثيرة يكون الوضع متأزماً. الناس في أحيان كثيرة لا ترضى بما يقال أو  إرما يتم ارساله في المجموعة. و يتبع ذلك عدد من النقاشات ومن ثم تراشق بالكلمات و الرسائل فضلاً عن مغادرة المجموعة.

نص المقال

أهلي الأعزاء، فيما يخص مغادرة المجموعة من قبل بعض الأعضاء،  اسمحوا لي أن أعرض عليكم رأيي في الموضوع، و كلي يقين أن ما سأعرضه لا يعدو سوى كونه ترتيب و توضيح لبعض المعاني و الأفكار التي تدور في أذهان الكثيرين منكم و لا سيما الأعمام الأكارم و العمات الفضليات.

أولاً: موضوع مغادرة المجموعة هذا، يحدث أكثر في المجموعات الكبيرة الخاصة بالأهل، مثل مجموعتنا هذه. في المقابل، يحصل بصورة أقل كثيرا في مجموعات أخرى مثل مجموعة الزملاء في العمل.

ذلك الأمر، في نظري، بسبب أن التجانس بين الأعضاء في المجموعة الكبيرة الخاصة بالأهل -و المجموعات الشبيهة بها، مثلا مجموعة خاصة بجيران سكنوا شوية حديثاً في حي سكني جديد- في الغالب يكون أقل.

صحيح، الأعضاء قد يكون هناك ما يربطهم، سواء الجيرة، أو حتى رابط الرحم كما في حالة مجموعة الأهل. لكن مستوى التباين بينهم قد يكون أكبر من الروابط. أبسط مثال لذلك التباين هو العمر. مثلا يكون عضوا في المجموعة  الجد و الجدة، وفي نفس الوقت نجد الحفيد و الحفيدة. التباين يكون في نواحي أخرى كثيرة، مثلا في الخلفيات المعرفية و الفكرية، أو التجارب و الخبرات الحياتية، أو في الإنتماءات المذهبية و الحزبية أو حتى الأيدلوجية.

الشعور بالضيق أو الغضب

الناس أحيانا، تكون مشحونة، وأحياناً تشعر بالضيق. و ربما يكون ذلك لأسباب لا علاقة لها أصلاً المجموعة و بما يدور فيها. (الضيق قد يكون بسبب الأوضاع الاقتصادية، أو بسبب ضغوط الحياة بشكل عام، أو حتى لأسباب شخصية) و الناس عندما يكونون في مثل تلك الحالات، تكون حساسيتهم أعلى من المعتاد، و ربما تصرف بسيط بمقاييس اغلب الناس، قد تصحبه ردة فعل كبيرة.

في أحيان أخرى، بعض الأعضاء في المجموعة قد لا تعجبه رسائل أو تصرفات معينة من أعضاء آخرين.  و قد تجد البعض مغتاظون كل الغيظ من أسلوب أحدهم أو من ردود آخر، لكن لسبب أو لآخر، لا يستطيعون أن يعبروا عن عدم رضاهم ذلك،

سوء الفهم

إضافة لما سبق، تأتي الصفة الملازمة لوسائل التواصل الاجتماعي و هي أنه في أحايين كثيرة، الرسائل تفهم أو تفسر بشكل خاطيء.

من أهم أسباب ذلك الأمر، هو أن الكتابة لا تنقل ما يشعر به الكاتب و ما يحسه. أي أنه قد يصعب على الشخص المتلقي الذي يقرأ، أن يعرف ما أذا كان الكاتب في الطرف الآخر غاضباً عليه أم يسخر منه، أم هو مشفق عليه و ناصح له و ما إلى ذلك.

لذلك يصبح الأمر متروكاً لخيال الشخص الذي يقرأ و افتراضاته، و ربما أحكامه المسبقة. إذ يمكن في نقاش ما، شخص يفترض أو يفسر أن رسالة محددة مقصود بها السخرية منه أو الإساءة الشخصية له أو لشخص يهمه أمره.

تلك الإفتراضات يمكن أن تتعدى الرسائل و تصل إلى مستوى آخر. مثلاً، قد يفترض شخص أن الأعضاء الآخرين في المجموعة جميعهم قرؤوا الرسالة -التي يعتبر أن فيها إساءة أو تعدي أو إهانة أو غير ذلك- و بالرغم من ذلك، لم يحرك أي واحدٍ منهم ساكناً فهم لم يردوا أو يستنكروا أو يرفضوا الأمر. وهو يرى أنه كان من الأولى أن يتدخلوا أو ينكروا الموضوع على أقل تقدير.

بسبب ما ذكر أعلاه، نجد أن بعض الناس يرون أن الحل الأسلم -و ربما الأسرع- للتعبير عن عدم الرضى بما قيل -أو أرسل- في المجموعة، هو مغادرة المجموعة. ومن لم يغادر، نجد بعضا منهم يتناوشون بالرسائل و ربما تشتد حدة الرسائل و الألفاظ الأمر الذي يجعل الوجود في مثل تلك المجموعات نقمة أكثر من كونه نعمة وذلك لما يحدثه من شروخ في النسيج الإجتماعي.

كيف نجعل الوضع أفضل؟

لتفادي المشاكل سابقة الذكر والتي تجعل الناس يفكرون في مغادرة المجموعة، و لكي نجعل الأوقات التي نقضيها في وسائل التواصل الاجتماعي من أفضل و أجمل ما يكون، أقترح ما يلي:

احترام الجميع

أن نحترم كل الموجودين بمختلف توجهاتهم و خلفياتهم و أفكارهم و آراءهم، بل و حتى اختلاف شخصياتهم و أساليبهم. نحترمهم و نحترم توجهاتهم و اختياراتهم و لانسفهها لهم مهما كان.
و أن نتذكر دائماً، أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

احتمالية سوء الفهم

أن نتذكر عند قراءتنا لأي رسالة أن التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً ما يصحبه سوء للفهم، لذا علينا أن نحاول أن نفترض حسن النية و القصد.

النصح في المجموعة

‏كما قال الإمام الشافعي:

تعمدني بنصحك في انفرادي 

و جنبني النصحية في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوعٌ

من التوبيخ لا أرضى استماعه

و إن خالفتني و عصيت أمري

فلا تجزع اذا لم تعط طاعة

و في الأبيات أعلاه دعوة واضحة لأن يعمد الشخص لأن ينصح الآخر -إن كان لابد فاعلا- على إنفراد و يمكن أن يكون ذلك بإرسال رسالة خاصة.

أما إن دعت الضرورة لنقد رأي أو فكرة أو سلوك على الملأ؛ علينا البعد عن شخصنة الموضوع و أن نفصل الفعل عن الفاعل.. بمعنى أنه إذا انتقدنا تصرفاً أو سلوكاً  ما، يجب أن يكون ذلك مع كامل التصالح مع الشخص الذي بدر منه ذلك التصرف. الأمر الذي يقتضي عدم الإساءة لشخصه أو انتقاده في ذاته.

و يا حبذا أن انتهجنا المنهج  النبوي في ذلك (ما بال أقوامٍ يفعلون كذا و كذا...)

الموضوعية

أن نطرح الآراء و الأفكار بموضوعية و وضوح و أن نتجنب التعميم و الهجوم على الأشخاص. و في المقابل، نتقبل آراء الآخرين بصدر رحب.

رأيي يحتمل الخطأ

أن نتذكر دائما أن الواحد منا رأيه صواب يحتمل الخطأ.. و أنه لا يوجد أحد معصوم من الخطأ؛ عليه، إذا شعر الواحد منا أنه أخطأ في قولٍ أو في رأيٍ أو في فعل، عليه أن يبعد حظ النفس و أن يقر بخطئه بكل تواضع و أن لا يتمادى في الدفاع عنه.

تجنب النقاش

علينا تفادي النقاش و الجدال الكثير و أن نحترم اهتمامات الآخرين في المجموعة بأن لا نشغلهم و نملأ هواتفهم بمئات الرسائل. و كذلك نحترم قواعد المجموعة إن وجدت، مثلا بعض المجموعات تخصص لغرض معين، فلنقل، مجموعة الغرض منها التنسيق لبرنامج نظافة الحي. ففي هذه الحالة ليس من المناسب أن يرسل الواحد منا رسالة تتحدث عن فوائد تناول الدخن مثلا أو خبر عن القبض على مسؤول فاسد هاربا في الحدود . لا خلاف على قيمة تلك الرسائل، لكن هذا ليس المنبر المناسب له.

كن إيجابياً

أن يتذكر الواحد منا أنع عند مغادرة المجموعة يكون بذلك ترك المجال للآخرين ليواصلوا في أرسال و قول ما كانوا يقولونه و هو الأمر الذي غادر من أجله. المعني أن المغادرة في أحيان كثيرة لا تعالج شيء. و يكون الأولى من المغادرة هو البقاء في المجموعة و العمل على تقويم و تعديل ما يجب تقويمه و تعديله.

ختاما

قبل التفكير في مغادرة المجموعة، أتمنى أن نعمل جمعيا على الاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي و أن نأخذ منها ما يفيد و نتجنب ما يسبب لنا الضرر و الأذى.

أخيرا، أتمنى من المشاركة في التعليقات بأي رأي أو فكرة حول الموضوع، كما مشاركة هذا المقال و إرساله لمن تحبون.

هذا و صلى الله علي سيدنا و قدوتنا محمد النبي الأمي المبعوث رحمة للعالمين.

تعليقان

  1. احيانا بكون مغادرة القروب من كترة الاشعارات لموضوع ما من اهتماماتي اصلا فبتحس انه القروب بقي ما بخصني فبغادر .

  2. كلام جميل،
    عندي تعليقين
    الأول لغة المقال كان أفضل تكون دارجي بتكون أقرب للنفوس وأبلغ في الأثر وخاصة انو الأهل وفيهم تباين في المستوى التعليمي الا إذا كان المستهدفين بالمقال فئة أكبر من الناس قد تصل إلى جنسيات عربية أخرى
    المسألة الثانية عنوان المقال لا تغادر مجموعة الواتساب ولكن في داخل المقال لم يتم سرد الحجج والاقناع بعدم المغادرة حيث توقعت وجود محاججة منطقية لمريد المغادرة اللهم الا في جزئية بسيطة مفادها ابق و حاول أن تغير من داخل المجموعة ، فمغادري المجموعات ليس كلهم مغاضبين فمنهم من له أسباب أخرى مثلا غير مهتم، منزعج، مشغول … الخ

التعليقات مغلقة.