أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

العقلية

التفكير الايجابي ليس هراءً، دعني أوضح لك

لا شك انك كثيرا ما سمعت دعوات من البعض إلى التفكير الايجابي. العبدلله من اولئك الدعاة للإيجابية، و كنت قد كتبت من قبل رسالة في هذا الشأن نشرتها على صفحتي في الفيسبوك. فما كان من أحد الأصدقاء إلا التعليق عليها منتقدا بشكل لطيف.  صديقي أشار إلى أن رسالتي تلك ما هي إلا ضرب من ضروب الشعارات الجوفاء البعيدة عن العملية. 
في هذه التدوينة انقل لكم الرسالة المشار إليها، إضافة إلى تعليق صديقي -يدعى محمد مسعود-، و أخيرا ردي عليه.
 
الرسالة:

ماذا يعني أن يكون الشخص ايجابياً؟

 
1. يعني أن يركز على الممكن بدلاً عن المستحيل، و على القادم أكثر من ما مضى، و على الموجود أكثر من الغائب و المفقود.
 
2. يعني أن يكون موقناً أنه يستطيع أن يعمل و ينجز بدلاً عن الشعور بالعجز.
 
3. يعني أن يتفاءل و يكون موقناً أن القادم سيكون أفضل.
 
4. يعني أن يسلتهم العبر و والفوائد من المشاكل و المصائب، بدلاً عن الأسى و الحسرة و الندم.
 
5. يعني أن يشحذ الهمم و يحفِّز و يشجِّع نفسه و الآخرين بدلاً عن السخرية و التثبيط.
 
 
التفكير الايجابي
 
 
 

حسناً، ما فوائد التفكير الإيجابي و لماذا على الشخص أن يكون إيجابياً؟

1. لأن الإيجابية كانت صفة من صفات الرسول صلى الله عليه و سلم.
 
2. لأن الإيجابية تجعل الشخص يركز على حل المشكلة بدلاً من تضييع وقته في التزمر و السخط منها.
 
3. لأن الإيجابية تجعل الشخص مرتاحاً نفسياً.
 
4. لأن الإيجابية صفة جميلة و محبوبة، عكس السلبية اللي تنفر منه الناس.
 
 
 

تعليق صديقي على الرسالة

 
يا مجيدو.. ياخي والله انا عندي مشكلة مع هذا النوع من الرسائل ????? .. 
 
أنا أجد صعوبة في أن افهم ماذا يعني  (أن يركز  الشخص على الممكن بدلاً عن المستحيل، و على القادم أكثر من ما مضى، و على الموجود أكثر من الغائب و المفقود.)؟؟ 
 
بمعنى: 
ما هي الخطوات “العملية” – سواء كانت فِعلية أو قولية – التي اذا قمت بها، سأجد نفسي (مُركّزا على الممكن بدلاً عن المستحيل، و على القادم أكثر من ما مضى، و على الموجود أكتر من الغائب و المفقود)؟؟ 
 
عندما يشعر الانسان بالعجز حقيقةً، فما هي الخطوات العملية اللي ينبغي فعلها لكي (يكون موقناً أنه يستطيع أن يعمل و ينجز بدلاً عن الشعور بالعجز.)؟؟ 
 
مثلا، فلنفرض أن هناك شخصان: 
أحدهما قال لي: (كن نشيطاً، لأن النشاط شيء رائع سيفيدك في حياتك) 
 
و الآخر قال لي: (أظبط المنبه لتستيقظ في الخامسة صباحاً، ثم قم بممارسة رياضة الركض، و كل أكلاً صحياً، و نم باكراً، بذلك تصبح نشيطاُ، والنشاط شيء رائع سيفيدك في حياتك) 
في رأييك، نصيحة من فيهما هي الافضل؟؟ 
هل وصلك المعني الذي أريد ايصاله؟؟
 
 
الرد على العزيز، مسعود
 
أول شيء، يا أبوحميد أنا سعيد جداً بمرورك، و سعيد كذلك بطرحك المرتب و الواضح. 
 
فعلاً، النقاط في رسالتي كانت عامة جداً و بعيدة كل البعد عن العملية، و لكن كما يقولون، ما لا يدرك كله، لا يترك جله. فانا أرى أنه يمكن لاحقاً التفصيل في الخطوات العملية. لكن قبل ذلك، يكون الأهم و الأولى هو الاقتناع بأهمية الموضوع.
 
اذا لاحظت، في أغلب النقاط كان التركيز على مستوى التفكير و القناعات، و التغيير في هذا المستوى يؤدي إلى تغيير في المستوى الذي يليه ألا وهو المشاعر، بمعنى أن الشخص يصبح يحب الفكرة أو الموضوع المعني و يقدِّره.
 
ذلك الأمر بدوره يؤدي إلى تغيير في المستوى الأخير و هو مستوى السلوك، وهي الأشياء العملية التي سألت عنها، أي ماذا يقول الشخص و ماذا يفعل و كيف يتصرف و ما إلى ذلك.
 
 
مثال لذلك، الحِكم التي كنا نقولها عندما نشارك -ونحن صغار- في البرنامج الصباحي في المدرسة، و من قبلنا كان يقولها العرب منذ الجاهلية و حتى الآن. كلمات مختصرة جداً من غير أي شرح أو تفصيل، لكن فيها معاني كبيرة.
 
مثلاً يُقال لك: “خيرُ الكلام ما قلَّ و دلَّ”. هذه الحكمة لا توضح ما الذي يجب أن يقوله الشخص و ما لا يجب أن يقوله، لكن تعطيه نهجاً عاماً يسير عليه. و لاحقاً، يمكن له أن يتعلم كيف يختصر حديثه و كيف يجعله واضحاً و مرتباً، و يتعلم ماذا عليه أن يقدم وماذا عليه أن يؤخر، و غيرها من المهارات والخطوات ” العملية”.
 
 
 

أثر التفكير الإيجابي على النفس

إنطلاقاً مما سبق، فالشخص اذا اقتنع بموضوع الإيجابية و التفكير الايجابي، أو على الأقل، شعر بأن ذلك الأمر قد يكون مفيداً؛ يمكن بعد ذلك أن يسأل و يبحث و يتعلم تفاصيل و أجزاء الموضوع.
 
عندها ستظهر له معاني و علوم -ربما كانت غائبة عنه- يمكن له من خلالها تكوين أفكار و قناعات شخصية يهتدي بها في حياته.
 
مثلاً يمكن أن يعرف أن للتفكير أنماطاً مختلفة، و أن بعض تلك الأنماط يكون فاسداً. من تلك الأنماط الفاسدة: التفكير الحدي؛ أبيض أو أسود!  كل شيء أو لا شيء! و هكذا.
 
قد يعرف أيضاً أن الناس يختلفون في توجهاتهم فيما يخص الزمن، علي سبيل المثال، هناك أناس -بل شعوب- يغلب عليهم التركيز على المستقبل future oriented يتوقعون و يخططون و ينفذون، و  هناك من هم عكسهم.
 ‎
 
أمر آخر، في بعض الأحيان، قد يصعب أن تكون هناك خطوات محددة للوصل إلى نتيجة ما. فلنأخذ مثالاً على ذلك، مثال النشاط الذي استخدمته أنت. أنت قلت: على الشخص أن ينام باكراً. هذا الأمر قد لا يكون هو الأنسب للأشخاص الذين يعرفون باسم  
 ‎و هم الأشخاص الذين يكونون في قمة نشاطهم في الليل، على عكس النوع الآخر الذين يطلق عليهم اسم
 ‎
ففي اعتقادي، هذا النوع من الموضوعات، فيه تفاصيل كثيرة جداً، و الأفكار و النظريات فيه كثيرة كذلك. لذلك، إذا الشخص أمسك بطرف الخيط و استلم الإتجاه الصحيح؛  رويداً رويداً ستأتي التفاصيل و الخطوات العملية المناسبة.
 
أمر أخير أختم به، هو أن الناس يختلفون في الأساليب المناسبة لهم للتعلم. علي سبيل المثال، البعض قد تكون الوسيلة الأفضل التي يتعلمون بها، هي أن يستمعوا للمحاضرات، بينما البعض الآخر يفضِّل أن يشارك أو يمارس الموضوع المحدد حتى يتعلم بشكل أفضل، و آخرون يفضلون أن يتعلموا عن طريق محاضرات أو مواد مرئية.
 
بنفس القدر، هناك البعض يفضلون أن يبدءوا بتعلم الصورة الأكبر و من ثم يعرفون التفاصيل، في المقابل هناك أشخاص، التفاصيل مهمة لهم للغاية و يفضلون معرفتها اولاً.
 
 
ختاماً
اتمنى أن نتمكن سوية من تبني الإيجابية و التفكير الايجابي كأسلوب حياة. و لا يفوتني أن ابعث بالتحايا لصديقي العزيز، محمد عمر مسعود على مداخلتله. و لك ايضاً يا من قرأت هذه التدوينة. فلكم الشكر و التقدير.
 
 
يسعدني ردك علي هذه التدوينة أو مشاركتك في التعليقات ادناه بأي فكرة أو خاطرة حول الموضوع. و كذلك ارسالها و مشاركتها مع من تحبون.
تحياتي.

5 تعليقات

التعليقات مغلقة.