أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

الذكاء العاطفي

نعم! نحن مختلفون في هذه الأشياء! لكن علينا تقدير ذلك الإختلاف

مما لا يخفى على أحد أن الله سبحانه و تعالى خلق الخلق في تنوعٍ كبير و في تباينٍ بيِّن. تباينٌ في الشكل و ما هو ظاهر للعيان، و كذا تباينٌ في السمات و الصفات. و هذا الأخير عندما يمتزج بالخبرات و التجارب التي يمر بها كل شخص منذ نشأته وفي سائر حياته ينتج تباينٌ آخر -وهو أهم و أكبر و أعمق- في القناعات و الدوافع و الاهتمامات و السلوكيات و في المشاعر و ردود الأفعال.

حتى تسعد الجماعات و من قبلها أفرادها في حياتهم لابد أن يعوا هذا التباين و أن يحترموه و يقدروه و إلا أضحى سبباً لسؤ الفهم و قلة الفعالية في التعامل.

ماذا يحدث اذا لم يتم تقدير التباين بين الناس؟

عدم تقدير هذا التباين و وضعه عين الاعتبار يؤثر في تقدم الشخص و نجاحه في حياته. الكثيرون منا سمع عن مقياس الذكاء (IQ) الذي يحدد به مستوى الذكاء العقلاني للشخص. في وقت سابق كان الحصول على درجات مرتفعة في ذلك المقياس يُنبئ بنجاحات أكثر للشخص. لكن مؤخراً قل الاعتماد عليه وذلك لاتجاه المختصين إلى اعتماد أنواع أخرى من الذكاء لا تقل عنه في كون التحلي بها يعزز نجاح الفرد في حياته. من هذه الأنواع الذكاء اللغوي الذي يدل على الإبداع في استخدام الكلمات سواءاً في الكتابة أو التحدث.  و منها أيضا -وهو الشاهد- الذكاء العاطفي والذي يعبر عن مقدرة الفرد على التعرف على، و التمييز بين، مشاعره في المواقف المختلفة و كذلك مشاعر من يتعامل معهم. الأمر الذي يعين الفرد على التصرف بحكمة مع من حوله و هذا بدوره يعزز فرص نجاحه و بلوغه لما يريد.

هذا التمييز بين المشاعر يتطلب امعان النظر في التباين بين الأشخاص المشار إليه سابقا و الذي يكون في كل المستويات بدءاً بالاخوة مروراً بالأسرة و الأهل ثم الأصدقاء و الزملاء انتهاءاً بالمجتمعات. فمثلاً الأخوة يكون كل منهم لديه سماته و صفاته و اهتماماته.  فما يسر الأول ليس بالضروة يسر الآخر و كذلك ما يغضبه أو يقلقه أو يحزنه أو حتى ما يحرجه.  و إن كان هذا الثاني يهتم بالسياسة و أخبارها و بالإقتصاد و شؤونه، فهذه الاشياء قد لا تعنى للأول أمراً ذا بال، فهو مولع بالرياضة أو غيرها من المواضيع. و كلما زاد عدد أفراد الجماعة (المجموعة) و قلت تجاربهم و خبراتهم المشتركة، كلما زاد التباين بينهم و استدعى اهتماما أكثر.

أمثلة لمواضع التباين بين الناس

من أمثلة التباين في الصفات أن من الناس من يحب العزلة و الانطواء و منهم من هو منفتح نحو الآخرين.  النوع الأول قليل الكلام خصوصاً مع الغرباء و من لا يعرف، و تكون علاقاته محدودة للغاية و لا يحب أن يتدخل الآخرون في شؤونه. أما النوع الآخر في لا يتوانى في التواصل والتفاعل مع لا يعرف فضلاً عن من يعرف. النوع الأول قد يهاب التحدث امام جمعٍ من الناس حتى و إن كان قليلاً، أما الآخر فلا يعنيه.

من الأمثلة أيضاً، أن من الناس من يحب السيطرة و النفوذ و إصدار الأوامر و التعليمات و منهم من يكون كثير التمرد على النظم و القوانين و الأعراف و منهم من يكون صعب الإنقياد. و منهم من يحب الجدل و من هو كثير الإنتقاد و منهم من تقع عينيه على الأخطاء دوون أن يشعر أو يتعمد.  و هناك آخرون يكونون سهلي المراس، و آخرون يحبون أن ينأوا  بأنفسهم عن مواطن الخلاف حتى و إن كان يسيراً و منهم من يتبع الآخرين في آراءهم و تصرفاتهم.

بعض الناس -وهم قلة- أيقنوا بأنهم ليسوا كُمَّلاً فتصالحوا مع انفسهم و علموا أن من الممكن جداً و الوارد أن يخطئوا. لذا فهم يقرون و يعترفون بأخطاءهم و يتقبلون النقد و التصويب. أما في المقابل، فبعض الناس لم يبلغ بعد ما بلغه من تقدم وصفهم.  فتجد بعضهم لا يحتمل النقد حتى و إن كان بناءاً و لا يتقبلون التصويب و اؤلئك غالباً تكون لديهم قناعة تحتاج للتقويم مفادها أن الخطأ يعني الفشل. تجدر الإشارة هنا إلى أن غالب -إن لم يك كل- الناس لا يحتملون النقد عندما يكون أمام الآخرين.

كل ما زاد وعينا بهذه الاختلافات و ما شاكلها، زاد تقديرنا لها و بالتالي نتمكن بإذن الله أن نتعامل مع الآخرين بمزيد من الحكمة.

هذا و صلى الله و سلم على حبيبنا و قدوتنا و شفيعنا محمد بن عبدالله المبعوث رحمة للعالمين.

تعليق واحد

  1. فعلا تقدير التباين بين الناس مهم جدا للنجاح سواء كان نجاحا على المستوى الشخصي (في التعامل مع الاخرين) او نجاح العمل (اعطاء كل شخص المهمة التي تناسبه).
    شكرا على التدوينة المفيدة.

التعليقات مغلقة.