أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

الغذاء

اضرار السكر: صدق من سماه السم الأبيض!

في الفترة الماضية، تقريبا عندما ألتقي بأي شخص في وجبة طعام، أو نلتقي في لقاء مع كوب شاي، أتحدث معه عن اضرار السكر. أخبره لماذا يجب على الناس أن يقللوا من استخدامه -أو حتى يتركوه- حتى يكون الشخص بصحة أحسن و لكي يقي نفسه الكثير من الأمراض. هذه المرة قررت أن أكتب عن هذا الموضوع وذلك لسببين. أولا لكي أزيد فهمي لهذا الأمر، وثانياً، حتى استطيع إيصال الفكرة لعدد أكبر من الناس عسى الناس تنتبه و تغيِّر بعض عاداتها الغذائية.

إخلاء مسؤولية

المعلومات الواردة في هذا المقال عن اضرار السكر على الجسم الغرض منها المعرفة العامة و رفع الوعي، و لا تغني عن الرجوع للأطباء و المختصين في التغذية للوصول لأفضل وأسلم النتائج.

اضرار السكر

 حسناً، قبل الخوض في موضوع اضرار السكر، في البدء يجب أن أعطي مقدمة للموضوع فبعون الله نبدأ و بنور سراجه المنير نهتدي و نقول أن أي شيء يأكله الانسان لكي يتغذى به، يصنف إلى تصنيفين هما: المغذيات الكبرى، و المغذيات الصغرى.

المغذيات الكبرى هي المواد التي يحتاج إليها الشخص بكميات كبيرة نسبياً لكي يتم تحويلها إلى طاقة يستخدمها في ممارس أنشطته الحياتية المختلفة، و يستخدمها كذلك في بناء الجسم بصورة عامة. وهذا النوع يشمل:  الكربوهيدرات، البروتينات، الدهون. ويضاف إليها بعض العناصر مثل البوتاسيوم، الملح، المغنيسيوم و الفسفور.

اما التصنيف الثاني، فهو هو المغذيات الصغرى، و هذه يحتاج إليها الجسم بكميات صغيرة (اقل من 100 ملجم في اليوم). الغرض منها هو أن تساعد في عملية تحويل المغذيات الكبرى المذكورة سابقا إلى طاقة، و كذلك يحتاج إليها الجسم في عمليات البناء و الترميم.

ماهي النشويات والكربوهيدرات

المغذي الكبير الأول و الذي يعتمد عليه الإنسان بنسبة كبيرة في انتاج الطاقة هي الكربوهيدرات. وتوجد في الأغذية الغنية بالنشويات و هي الأطعمة التي يكون الطحين مكون أساسي فيها مثل (الخبز) العيش، القراصة، الكسرة، و كذلك في الأطعمة الحلوة (التي تحتوى على السكر) و توجد كذلك في البطاطا و الأرز و غيرها من الأطعمة.

الكربوهيدرات هذه أمرها عجيب للغاية. المفروض بصراحة أن تتم تسميتها بالسكريات. لأن كل الأطعمة التي ذكرتها قبل قليل، بما فيها الطحين، في نهاية الأمر ليست سوى سكر! لعلك تتساءل كيف ذلك؟! دعني أخبرك.

انواع الكربوهيدرات

الكربوهيدرات لديها اسم آخر وهو :الساكرايدات (Saccharides) و اصل الكلمة يوناني معناه السكر!!

الكربوهيدرات يتم تقسيمها إلى كربوهيدرات بسيطة و اخري مركبة أو معقدة. ذلك التقسيم يكون حسب عدد جزيئات السكارايد في المادة المعينة.

الكربوهيدرات البسيطة على سبيل المثال، يكون فيها جزي أو جزيئن من الساكرايد (Monosaccharide & Disaccharides).  التي يوجد فيها جزيء واحد مثل الجلكوز و هو السكر الذي يكون في دم الإنسان، وتستفيد منه الخلايا لانتاج الطاقة.

اما الكربوهيدرات التي فيها جزيئين فهي مثل: اللاكتوز و هو سكر اللبن، و السكروز و هو سكر المائدة المعروف عند الناس و يستخدمونه بصورة اعتيادية في حياتهم مثل سكر القصب.

أحد الجزئيين في هذا النوع من الكربوهيدرات دائماً يكون هو الجلكوز، مثلا اللاكتوز يتكون من جلكوز و جالاكتوز.  السكروز يتكون من جلكوز و فركتور (سكر الفاكهة) و هكذا.

اما الكربوهيدرات المركبة يكون فيها أكثر من جزيئين من الساكاريد. من أمثلتها المواد التي يكون النشا (Starch) عنصر أساسي فيها مثل الحبوب التي تستخدم لعمل الطحين. من أمثلتها كذلك، الأرز و البطاطا. وكذلك من الكربوهيدرات المركبة المواد الغنية بالألياف (Fibers) مثل الفواكه و الخضروات.

حسنا، بعد أن عرفنا الأنواع المختلفة من الكربوهيدرات، تبقى لنا أن نعرف أن الواحد منا عندما يأكل الكربوهيدرات، فإن الجسم يقوم بهضمها (اذا كانت محتاجة أن تهضم) و يقوم بتحويلها (كلها إذا كانت عبارة نشا، و بعضها إذا كان سكر أبيض) في النهاية إلى جلكوز ( سكر الدم) لكي تستخدمه الخلايا كمصدر للطاقة.

هذا الجلكوز من المفترض أن تستفيد منه الخلايا فعليا و لكي تستفيد منه يجب أن يدخل من مجرى الدم إلى داخل الخلايا. الخلايا لديها مستقبلات ( receptors) يدخل من خلالها الجلكوز ( يمكن أن نعتبرها كأبواب في جدار الخلية). هذه الأبواب (المستقبلات) لا يتم فتحها إلا عند وجود هرمون الأنسولين في الدم ( يمكن أن نعبره بمثابة المفتاح لأبواب دخول السكر). لذلك، يقوم الجسم بإعطاء إشارة إلى البنكرياس لكي يقوم بإفراز هرمون الانسولين عندما يبدأ مستوى السكر (الجلكوز) بالارتفاع في الدم. الانسولين يعتبر هرمون للتخزين ذلك لأن عن طريقه يتم تخزين السكر في الخلايا.

حتى الآن عرفنا كل الحكاية، بداية من أن يأكل الشخص أو يشرب شيئا ما، إلى أن يصل السكر إلى الخلية. أين المشكلة إذن؟ دعونا نعرف ذلك الآن.

اضرار السكر على الجسم

الشخص عندما يناول الكربوهيدرات البسيطة (مثل السكر الأبيض الذي يتناول الواحد منا ملعقتين أو ثلاثة في كوب الشاي) لأنها بسيطة و لا تحتاج إلى هضم كثير، فإنها تصل إلى الدم بشكل سريع. وعندما تكون الكمية التي تم تناولها كبيرة (مثلاً عند تناول قارورة من المياه الغازية أو تناول قطعتين من البقلاوة مع الشاي الذي فيه ثلاث ملاعق سكر- يصبح مستوى السكر في الدم عالي جدا.

في هذه الحالة، يتفاجأ الجسم بهذا السكر الكثير، فيبدأ في انتاج انسولين بكميات كبيرة كذلك لكي يتم التخلص من ذلك السكر الكثير. 

يتم التعامل مع السكر وتخزنه في شكل جلايكوجين الذي يتم استخدامه لاحقاً لإنتاج الطاقة. و كذلك، يتم تحويله إلى دهون لكي يتم تخزينها للاستفادة منها.

في حال تناول أطعمة فيها الكثير من السكر أو النشويات، فإن مستوى السكر في الدم يزيد بشكل كبير و سريع و بعدها يبدأ بالانخفاض سريعاً. على خلاف الأطعمة قليلة الكربوهيدرات، التي يكون تأثيرها تدريجي على الزيادة و الانخفاض على مستوى السكر في الدم

حسناً، هل انتهى الأمر، و عادة الأمور إلى نصابها؟ لا، ليس بعد… المشكلة الأخرى هي أنه بعد أن أفرز الجسم كمية كبيرة من الأنسولين لكي يتخلص من السكر الكثير؛ يبدأ مستوى السكر في الدم بالانخفاض بشكل كبير -بسبب الأنسولين الكثير-. ينخفض مستوى السكر في الدم ويصل إلى مستوي أدنى من المستوى الطبيعي الذي يجب أن يكون فيه. حينها، يبدأ الشخص بالشعور بالجوع وفقدان الطاقة… فتأتي للشخص رغبة شديدة في تناول طعام حلو. فيتناول شيء فيه الكثير من السكر، و تبدأ الحقلة تدور من جديد..  ارتفاع شديد في مستوى السكر في الدم، يليه مباشرة انخفاض شديد.

مقاومة الانسولين

الزيادة السريعة في سكر الدم (Spike) و الزيادة المصاحبة لها في الانسولين (Insulin Surge ) عندما تتكرر كثيراً، تبدأ الخلايا شيئا فشيئاً تغلق أبوابها التي أشرت إليها قبل قليل (المستقبلات)، إلى أن يصل الجسم مع مرور الزمن إلى مرحلة مقاومة الانسولين (Insulin Resistance). في هذه المرحلة، تصبح الخلايا لا تستجيب للأنسولين بالمستوى المطلوب. هذا الأمر يؤدي في النهاية إلى مرض السكري حمانا الله و اياكم.

في حالة المقاومة الأنسولين، الشخص حتى وإن تناول طعاماً كافياً، إلا أنه يشعر بالتعب وفقدان الطاقة. لماذا؟ لأن السكر (الجلكوز) وصل الدم، و كذلك الانسولين، لكن لم يستطع السكر الدخول إلى الخلايا لكي يتم تحويله إلى طاقة. البنكرياس يشعر بوجود السكر الكثير في الدم، فيجتهد أكثر و يزيد انتاج الانسولين. من ناحية أخرى، الخلايا تشعر بحاجتها إلى الطاقة، فيشعر الشخص برغبة شديد لتناول شيء يحتوى على السكر (Sugar craving) و تدور الحلقة. يا له من وضع صعب..

العلاقة مع مرض السكري

يا حبذا إن كانت اضرار السكر تقف عند هذا الحد! المشكلة أن البنكرياس مع مرور الوقت، تتعب خلاياه (يحصل لها ما يسمى Beta cells wearing) و تصبح غير قادرة على انتاج و ضخ انسولين كافي في الجسم. هذا بالتحديد هو مرض السكري النوع الثاني ( Type 2 Diabetes) حمانا الله و إياكم، وعافى كل مريض.

علاقة السكر مع زيادة الوزن

هل السكر يزيد الوزن

كما علمنا قبل قليل، أن الانسولين هو هرمون تخزين، مهمته أن يتم تخزين الجلكوز الزائد. واحدة من الإشكالات كذلك هي أنه عندما يكون مستوى الأنسولين مرتفعاً جداً، فإنه لا ينخفض بسرعة. بمعنى أنه يستغرق وقتاً طويلاً حتى ينخفض، الإشكال في هذا الأمر، هي أن هناك هرمون آخر مهمته إعطاء إشارة للجسم للبدء في تحويل السكر المخزون في الجسم وتحويله لكي إلى طاقة. ذلك الهرمون من المفترض أن يعمل في حال انخفاض مستوى السكر في الدم، الأشكال يكمن في أن هذا الهرمون لا يعمل في حال وجود الانسولين في الدم!. بمعني أن وجود الانسولين يمنع الاستفادة من السكر المخزون في الجسم. بالتالي يشعر الشخص بنقص في مستوى طاقته. بالرغم من الدهون المتراكمة (المخزنة) في مختلف أنحاء جسده.

العلاقة بين السكر و الكوليسترول

أعذروني، لكن أدعوكم للتحمل بعض الشيء.. كنت أتمنى أن تقف اضرار السكر عند هذا الحد!!..

هناك مشكلة كبيرة أخرى… كما علمنا في بداية المقال أن السكر الأبيض يتكون من جلكوز و فركتوز.. 

الجلكوز يقوم الجسم بامتصاصه من الأمعاء، و يقوم بالتعامل معه بتخزينه كما علمنا. الأشكال يكمن في الفركتوز..

الفركتوز يتم التعامل معه بواسطة الكبد. في البدء يتم تخزينه في شكل دهون داخل الكبد. مع مرور الزمن و بزيادة الاستهلاك و الإفراط فيه، يمكن أن يسبب هذا الأمر مرض دهون الكبد ( Fatty Liver)

المتبقي من الفركتوز (الذي لم يتم تخزينه داخل الكبد) يتم تحويله إلى كوليسترول. لكن ليس أي كوليسترول. تحديداً، يتم تحويله إلى كوليسترول منخفض الكثافة للغاية و هو نوع الضار من الكوليسترول (vLDL very-low-density lipoprotein) هذه النوع من الكوليسترول ضار للغاية. هو بالتحديد النوع الذي يسبب تصلب و ضيق الشرايين.. و بالتالي يعذب القلب و الجسم بارتفاع ضغط الدم و بالذبحات و الجلطات حمانا الله و اياكم.

لااااااا حول ولا قوة إلا بالله..

ما هو الحل

الحل ببساطة أن يبتعد الشخص من السكر و يقلل من استخدامه إلى أدنى حد.. يعني أن تبتعد من المشروبات الغازية، والحلويات الشرقية والغربية و الشاي الذي يحوى ثلاثة معالق سكر..إلخ

بالمناسبة، هل تعرف كمية السكر في علبة البيبسي 355 مل؟ لا أعتقد أن عقلك سوف يستوعب هذا الأمر… لكن تلك القارورة فيها حوالي 10 ملاعق سكر!!!!!! هذه الكمية كثيرة مقارنة بالكمية الموصى بها. مثلا، جميعة القلب الأمريكية توصى ألا يستهلك أغلب الرجال أكثر من 9 ملاعق من السكر خلال كل اليوم، و أغلب النساء يجب ألا يستهلكن أكثر من 6 ملاعق.

من الحلول أن يركز الشخص على الكربوهيدرات المركبة لأنها لا تتحول بسرعة إلى جلكوز بالتالي مستوى السكر في الدم يكون في مداه الطبيعي.

ليست أي كربوهيدرات..  الشخص يجب أن يركز علي الأطعمة الغير معالجة (processed & refined). مثلا الخبز الأبيض المعروف، أفضل منه الخبز الأسمر، لأن الأخير تكون فيه كربوهيدرات مركبة كثيرة و هي الألياف. وهضمه تحويله إلى سكر يستغرق وقت الأمر الذي يجعل الزيادة في سكر الدم تكون بشكل تدريجي، بالتالي يقل احتمال حدوث المشاكل التي تحدثت عنها في بداية المقال.

الخبز الأسمر

كذلك الأرز البني (الأسمر) أفضل من الأرز الأبيض. أما بالنسبة للفواكه، من الأفضل أن يتناولها الشخص كاملة (بدلاً عن شرب عصيرها) وذلك لأنها تحتوى أيضاً على كميات مقدرة من الألياف. الألياف التي في الفواكه تبطيء عملية امتصاص السكر منها، بالتالي لا يرتفع الجلكوز  في الدم بشكل كبير كما هو الحال في حالة تناول السكر الأبيض.

عموما، هناك مقياس يسمى المؤشر الجلايسيمي، يوضح كيف تؤثر الأطعمة المختلفة على مستوى السكر في الدم. يمكن معرفة المزيد عن هذا المؤشر في هذا المقال

خاتمة

أتمنى أن أكون قد وفقت في إيصال معلومات و لو بسيطة عن هذا الموضوع. أو على الأقل أكون قد لفت انظاركم على الموضوع و بالتالي يمكن ان تقرروا أن تبحثوا و تتعلموا عنه المزيد.

نصيحتي لأي شخص يريد أن يترك تناول السكر، أن يقوم بعمل هذا الأمر بالتدريج..  و من الهام أيضاً أن يعرف أن النقصان الشديد في سكر الدم يعد أمراً خطيرا، بل قد يكون أخطر من الزيادة.  لذلك، على الشخص تثقيف نفسه في هذا الأمر و كذلك يجب دائما الرجوع إلى الأطباء و المختصين.

أخيرا، بالنسبة لمن فكر من قبل أو حاول ترك السكر أو تقليله لكن لم يستطع ذلك.. أدعوهم أن يطلعوا على هذين المقالين:

التسويف و كيف يمكن تجنبه

كيف يمكن للقناعات أن تأثر في تصرفات الشخص

….

إذا وصلت إلى هذا الحد، أحب أن أحييك و أشكرك. و أريد أن أسألك عن رأيك في الموضوع. هل مرت عليك تجارب في هذا الموضوع؟ و هل يمكن فعلا للشخص أن يستغني عن السكر؟ شاركوني آرائكم و أفكاركم في التعليقات أسفل هذا المقال. كما أرجو منكم نشر الموضوع و مشاركته مع من يمكن أن يكون مهماً و مفيداً بالنسبة لهم.

و دمتم في رعاية الله و حفظه.

6 تعليقات

  1. انا طبعا يا مجيد عندي انخفاض سكر عشان لمن ارجف وابرد اديها ليك معلقه سكر حتى اتوازن عشان كده بصراحه ما بستغنى عن السكر الابيض ?الله يقدرني واخليه كلو كلو

التعليقات مغلقة.