أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

الصحة النفسية
الصحة النفسية

الصحة النفسية: العناصر الأساسية لتكون بخير

مفهوم الصحة النفسية من المفاهيم التي زاد التركيز عليها في الفترة الماضية. بحثت كثيراً عن تعريف ذلك المصطلح فما وجدت تعريفات واضحة و مفهومة، ربما هذا في حد ذاته مما يجعل الكثير من الأشخاص صحتهم النفسية سيئة!

من تعريفات الصحة النفسية: “هي حالة من العافية يستطيع فيها كلّ فرد إدراك إمكاناته الخاصّة، والتكيّف مع حالات التوتّر العاديّة، والعمل بشكل منتج ومفيد، والإسهام في مجتمعه المحلّيّ” تعريف فيه بعض الغموض -على الأقل بالنسبة لي. لذلك، في هذا المقال سأتناول مفهوم الصحة النفسية الصحة و بعض العوامل المعنوية والحسية التي تساعد في تعزيزها.

ما هي الصحة النفسية

المعنى الذي استطعت أن أتوصل إليه عن مفهوم الصحة النفسية هي شعور الشخص بالرضى بالرغم من أي ظروف يمر بها. و أن يكون الشخص قادراً على أن يتعامل مع الضغوط و التحديات التي تمر به في حياته بحيث أنها لا تؤثر سلباً على أدواره التي يقوم بها في حياته. دوره في أسرته وفي عمله إلخ.

الصحة النفسية والمرض النفسي

من المعلومات الغريبة التي عرفتها مؤخراً هي أن الشخص يمكن أن يكون قد تم تشخيصه بمرض نفسي في مرحلة من مراحل حياته. بعد أن يتعافي ذلك الشخص يمكن يكون لديه قدر كبير من الصحة النفسية، ربما تكون صحته النفسية أفضل من شخص آخر لم يصب بمرض نفسي! هذا الأخير قد تكون صحته النفسية في الحضيض ولا يستطيع أو لا يعرف كيف يتعامل مع الضغوط التي يتعرض لها.

آثر الإيمان في تحسين الصحة النفسية

هناك عدد من الأساليب -حسية و معنوية- يمكن أن تساعد الشخص للوصول إلى الشعور بالرضى.  كذلك تساعده في أن يكون قادراً على التعامل مع الضغوط و التحديات و المشاكل.

الإيمان بالله

من أهم الجوانب المعنوية التي تساعد في الوصول إلى الصحة النفسية هو الإيمان. و من أهم عناصر الإيمان التي تساعد الشخص هو الإيمان بالله. أن يؤمن الشخص أن لديه رب خالق.. ربٌ قادر. ربٌ أمره بين الكاف و النون، ربٌ كريم، خبير و بصير.

“لا يقلق من كان له أب فكيف بمن كان له رب”

الشيخ الشعراوي

الإيمان باليوم الآخر

مما يساعد كذلك من عناصر الإيمان هو الإيمان باليوم الآخر. عندما يؤمن الشخص أن الدنيا ليست -بأي حال- دار قرار. و أن حياة الشخص فيها مهما طالت، ستكون مثل المسافر الذي وقف ليستريح في ظل شجرة و غادرها. و أن الحياة الحقة هي هناك في الآخرة. عندما يؤمن الشخص بكل هذا، فإن الدنيا ومصاعبها و عقباتها ستصبح غير ذات بال بالنسبة له. ذلك لأنه يكون موقناً أنه إذا صبر و احتسب، فإن الآخرة خيرٌ و أبقى.

الإيمان بالقضاء والقدر

من عناصر الايمان التي تساعد كذلك هو الايمان بالقدر خيره و شره. عندما يتذكر الشخص أن أي شيء في هذه الحياة الدينا مسطر و مكتوب، عندما يتذكر هذا، فأنه سيشعر براحة كبيرة.

{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)  لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)}

سورة الحديد

لسنا أكرم من الرسل

الإيمان بالرسل لديه دور كبير كذلك في الوصول إلى الصحة النفسية. الشخص عندما يتذكَّر الجهود التي بذلها الرسل عليهم السلام و المعاناة التي عانوها من أجل الدعوة إلى الله و كيف أنهم صبروا و تجاوزوها..

يتذكَّر الرسول صلى الله عليه و سلم منذ أن كان في مكة مضطهداً ومحاولات قتله و التعذيب الذي تعرض له أصحابه الكرام..

يتذكَّر زيارته صلى الله عليه و سلم إلى الطائف التي رماه صبيانها بالحجارة..

و تذكر وفاة ابنه إبراهيم و زوجته أمنا خديجة في عام الحزن.. و من ثم يتذكَّر كيف كسرت رباعيته صلى الله عليه و سلم و سال الدم من رأسه الشريف في غزوة أحد…

الشخص عندما يستشعر مثل هذه المعاني، ستصغر في عينيه أي مصيبة أو ضائقة قد تمر به.

الجوانب المعنوية في تحسين الصحة النفسية

من الأشياء المعنوية المعنوية التي تساعد كذلك في تمتع الشخص بصحة نفسية جيدة هي أتيتيود Attitude الشخص طرق تفكيره..

فعلى سبيل المثال، المشاكل و التحديات يمكن أن يعتبرها أحدهم معيقات ومنقصات، في المقابل، شخص آخر يمكن أن يعتبرها اشياء يتعلم منها و يستقوى بها على ما بعدها.. و شخص آخر، يمكن أن يرى في تلك التحديات فرصا يمكن أن يستفيد منها.

تجنب أساليب التفكير الخاطئة

فيما يلي طرق التفكير.. فهناك أنماط تفكير إذا تبناها الشخص فلا محالة ستكون خصماً كبيراً من صحته النفسية. فدعونا نستعرض بعض من تلك الأساليب.

من أساليب التفكير الخاطئة، أسلوب everything or nothing .. يا إما كده أو بلاش!.. و تشبهها طريقة التفكير الحدي “أبيض أو أسود”، هذه الأساليب و غيرها إذا تبناها الشخص فستؤثر سلباً على صحته النفسية.

معرفة الحدود والإمكانات

من الأشياء المهمة هي في الوصول إلى الصحة النفسية هي أن يعرف الشخص نفسه جيداً و يتصالح مع ذاته. المقصود بأن يعرف نفسه هو أن يعرف الشخص نقاط قوته و نقاط ضعفه، و يعرف حدوده و امكانياته أي أن يعرف ما يستطيع فعله و ما لا يستطيع..

أما بالنسبة للتصالح بالذات.. فعلى الشخص أن يتذكر دائماً أنه في نهاية المطاف ليس سوى واحدٍ من البشر.. لديه عيوب ومشكلات .. يصيب أحياناً.. و يخطيء في أحيانٍ أخرى..

هذا الأمر يجعل الشخص يتقبَّل  -حقيقةً و بكل رحابة صدر- يتقبَّل الإنتقادات.. خاصة الانتقاد الموضوعي الذي سيعتبره فرصة يستخلص منها ما يمكنه أن يصبح أفضل.

الرفقة والصحبة الطيبة

أخيراً -وليس آخراً- من الأشياء المعنوية التي من شأنها أن تحسن الصحة النفسية، هي الرفقة والصحبة الطيبة و الداعمة. الشخص كلما اتيحت له الفرصة ليفضفض و يحكي ما يمر به لشخص قريب له، هذا الأمر يساعد كثيراً في التخلص من الضغوط وربما إيجاد حلول للمشكلات.

الجوانب الحسية في تحسين الصحة النفسية

ما سبق كان عن الأشياء المعنوية التي تساعد -من وجهة نظري- في تحسين الصحة النفسية. الآن ندلف إلى الأشياء الحسية التي من شأنها تحسين الصحة النفسية.

ممارسة الرياضة

من أهم ما يساعد في الصحة النفسية هي ممارسة الرياضة. كثيراً ما نجد في أدبيات علم النفس ذكرا لأهمية الرياضة و دورها الكبير في التخلص من الضغوط النفسية و تقليل التوتر.

الراحة والغذاء الجيد

مما يفيد كذلك في تحسين الصحة النفسية هي تجنب الإرهاق و كذلك تجنب الغذاء الغير جيد. فيما يتعلق بتجنب الإرهاق، لابد للشخص أن ينال القدر الكافي من النوم ويتجنب السهر الذي له دور مدمر.

أما فيما يخص الغذاء، لابد للشخص أن يتناول غذاءاً صحياً يشمل المغذيات الكبرى والصغرى الفيتامينات بكميات كافية و مناسبة أن يتجنب العادات الغذائية الضارة مثل الإكثار في تناول السكر.

من أهم الأدوار التي يلعبها الغذاء في شأن الصحة النفسية هي ارتباط بعض الفيتامينات و المعادن في عمليات انتاج بعض الهرمونات.   هذا الأخيرة مهمة للغاية في الصحة النفسية لأنها يؤثر في أشياء مثل السعادة و المقدرة على التفكير المنظم و حل المشكلات.

على ذكر الهرمونات .. سابقاً تحدثت عن هرمون الدوبامين ولماذا على الشخص أن يحافظ على دوبامينه لأنه إذا قلَّ، ربما تسوء حالة الشخص كثيراً. لذلك من المهم جداً أن يقلل الشخص من الاستهلاك المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي و ال low density fun

الخلاصة

من الهام التعرف على مفهوم الصحة النفسية والاهتمام بالجوانب المعنوية والحسية التي من شأنها أن تحسن صحتنا النفسية، بالتالي نعيش حياتنا بشكل أفضل، ليس حياتنا فحسب، بل و آخرتنا بإذن الله

هذا وصلى الله على سيدنا محمد الهادي إلى خير دين