أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

الأسرة و الأبناء العقلية

تعرف على سر تميز مواليد سنة التنين واستفد منه في تربية الأبناء

الصينيون و بعض الآسيويين يسمون السنوات بأسماء حيوانات، مثلاً، سنة الفأر، سنة الثور، سنة النمر، إلخ. تقويمهم فيه 12 سنة، كل سنة باسم حيوان، ينتهوا ال 12 حيوان، يبدوأ من جديد يحسبوا من أول حيوان و هكذا.

 لذلك، ليس غريباً أن تجد صينياً يخبرك أنه من مواليد سنة “الديك”.

حتى الآن الأمر ليس غريبا جداً، الغريب هو أن اؤلئك القوم لديهم قناعة أن الشخص الذي يولد في سنة حيوان ما، تكون لدى ذلك الشخص صفات من صفات الحيوان المحدد.

على سبيل المثال، الشخص المولود في سنة الثور، يكون شخصاً يحتمل العمل الشاق و يكون شخصاً يعتمد عليه. أما الشخص المولود في سنة الأرنب، فيكون ودوداً و ذكياً ولا يحب المشاكل.

مواليد سنة التنين

حسب معتقدات اؤلئك القوم، فإن أكثر الناس تميزاً هم مواليد سنة التنين. الشخص المولود في ذلك العام، يكون قوياً وشجاعاً و ذو نفوذ، علاوة على أنه يكون شخصاً محظوظاً!.



لذلك، من أجل تلك السمات الرائعة، فكثيراً ما يقوم الصينيون بتوقيت مواعيد زواجهم و مواعيد انجابهم للمواليد بحيث تكون في سنة التنين حتى يحظى أبنائهم بتلك الصفات المذكورة.

ذلك الأمر يكون جلياً إذ تكون هناك زيادة كبيرة في عدد المواليد تحصل في سنوات التنين المتعاقبة.

هل يمكن أن يكون مواليد سنة التنين مميزين فعلاً؟

الجميل في الأمر، أن هناك باحثاً أمريكياً في جامعة لويزانا يدعى Naci Mocan قرر أن يدرس ذلك الأمر.

ذلك الباحث وضع فرضية أن مواليد سنة التنين اؤلئك لن يكونوا محظوظين بأي حال، بل على العكس، ستكون حياتهم صعبة.

ما دفعه لوضع تلك الفرضية هي أن مواليد سنة التنين عددهم يكون كبيراً جداً مقارنة ببقية السنين. هذا العدد الكبير يسبب قدر لا يستهان به من المشاكل و الصعوبات طيلة حياة اؤلئك المواليد. 


تحديات و مشاكل مواليد سنة التنين تبدأ حتى قبل ميلادهم. إذ تبدأ من مرحلة العناية الصحية أثناء الحمل، مروراً بالولادة و من ثم ما بعد الولادة، فعدد النساء الحمل في سنة التنين يكون كبيراً الأمر الذي يضغط على النظام الصحي في البلاد و بالتالي يقلل من جودة الخدمة و الرعاية الصحية المقدمة سواءاً للأم أو للمواليد.

من التحديات التي تواجيه مواليد سنة التنين كذلك هي التحدي في التعليم. عدد مواليد سنة التنين الكبير، يستنزف موارد التعليم المتاحة و تكون فصولهم و قاعاتهم الدراسية مزدحمة أكثر من غيرهم.

حتى عند خروج مواليد سنة التنين إلى سوق العمل، فعددهم الكبير يشكل لهم عقبة و تحدي في الحصول على الوظائف!

الشاهد في الأمر، فرضية أن مواليد سنة التنين ستكون فرصهم أقل في الحياة، تبدو فرضية منطقية و صحيحة.

من غرائب الصدف، أن ذلك الباحث الأمريكي، كان يعمل معه في البحث طالب دكتوارة صيني يدعى “هان يو” Han Yu. الأغرب من ذلك، أن “هان” من مواليد سنة التنين!
 
شرع الفريق في البحث و قلتوا الأمر بحثاً، والمفارقة، أن فرضيتهم تبيَّن أنها خاطئة!.

أتضح أن الصينيين عندما يتعمدون أن ينجبوا أبنائهم في سنة التنين كان لديهم حق، فقد وجد الباحثون أن مواليد سنة التينن هم فعلاً أفضل من غيرهم و أكثر تميزاً عنهم!


مواليد سنة التنين فعلاً مميزين!

مواليد سنة التنين في مدارس الأساس و المتوسط، كان أداؤهم أفضل من الذين يسبقونهم و الذين يلونهم! و حتى في امتحان الشهادة الثانوية، كان أداؤهم أفضل بكثير من الآخرين.

وفي الجامعات كذلك، كانوا أفضل من غيرهم، فعلى سبيل المثال، وُجد أن احتمالية مواصلة الطالب من مواليد سنة التنين للدراسات العليا تزيد عن احتمالية مواليد بقية السنوات بمقدار 14%.


في محاولة لتفسير ذلك التميُّز، شك الباحثون أن الأساتذة يعاملون مواليد سنة التنين بشكل أفضل من غيرهم ذلك لأنهم مقتنعون -كما الآخرين- أن اؤلئك المواليد مميزون فعلاً. لكن، زال ذلك الشك عندما علم الباحثون أن أمتحانات الشهادة الثانوية يتم تصحيحها بواسطة الحاسوب من دون أي تدخل بشري الأمر الذي ينفي احتمالية محاباة الأساتذة لمواليد سنة التنين أو منحهم المزيد من الدرجات.

لغرابة الأمر، واصل الباحثون في محاولة البحث عن سر تميُّز مواليد التنين.

هذه المرة، اعتقدوا أن سر التميُّز يكمن في أن لديهم ثقة كبيرة في أنفسهم وذلك بسبب أن المجتمع يؤمن بتميُّزهم و يضع لهم مكانة. هذه الفرضية تبدو أيضاً منطقية بعض الشيء، إلا أن النتائج نسفتها مرة أخرى.
إذ اتضح أن ثقة مواليد التنين في أنفسهم ليست بأي حال من الأحوال أكبر من غيرهم. ليس ذلك و حسب، بل حتى على مستوى الذكاء، فذكاءهم لم يكن أعلى من الآخرين!.

فيا ترى، مالذي يجعلهم مميزين إذاً؟

السر في تميُّز مواليد سنة التنين

بعد المزيد من الدراسة و البحث، اتضح أن نجاح مواليد سنة التنين و تميُّزهم ليس بسبب المدارس أو المدرسين. و ليس بسبب صفات فيهم تميزهم عن غيرهم.

اتضح أن السبب هو أهلهم “الآباء و الأمهات” يكونون مختلفين عن الآباء الآخرين.

آباء و أمهات موايد سنة التنين يكونون مؤمنون تماماً أن أبنائهم اؤلئك متميزون و مختلفون عن غيرهم.

ذلك الأمر يجعلهم يضعون لهم توقعات كبيرة جداً -مثل الوصول لدرجات عالية في السلم الأكاديمي أو أن يصبحوا قادة في مجالاتهم المهنية- و من ثم يتصرف الأباء و الأمهات على هذا الأساس.

ذلك الإيمان في تميُّز الأبناء، في نهاية المطاف هو ما يتحوَّل إلى واقع فيصبح مواليد سنة التنين مميِّزون فعلاً.


هل تذكرون “هان” طالب الدكتوراة الصيني الذي أوضحت سابقاً أنه يعمل في الدراسة المشار إليها وأنه من مواليد سنة التنين. هان هذا يعد مثالاً جيداً للنقطة السابقة.

“هان” عندما كان في المرحلة المتوسطة، كان أهله يحضرون له كتباً من مستوى الماجستر لكي يتعلم منها اللغة الإنجليزية! وذلك لأنهما -والدا هان- كانا موقنان -و جعلاه يوقن هو كذلك- أنه سيحصل على الدكتوراة من أمريكا، وقد كان!


الخلاصة

التوقعات (و القناعات) لديها دورٌ كبير في تشكيل سلوك و إتجاهات البشر و بالتالي أدائهم، خصوصاً الأطفال. و اذا استفدنا من هذا الأمر في تربية الأبناء، فسيساعدنا في صنع أبناء مميَّزين يصبحوا قادة و مؤثرين في مجتمعاتهم بل في كل العالم. 
بالمناسبة.. سنة التنين القادمة هي 2024 ?

تعليقان

التعليقات مغلقة.