ومرة أخرى.. هذه سيدة تبكي! .. فهي قد تأخرت عن المواعيد التي كان يجب أن تحضر فيها.. هي لم تكن تبكي فقط.. بل كانت تبالغ في الاعتذار.. قد يظن الشخص أنها بكت خوفاً من أن تتم عقوبتها أو نحو ذلك و أن اعتذارها كان لمديرها أو لمن يرأسها خوفاً من العقوبة.. لكن لا.. فالسيدة كانت أستاذة في إحدى المؤسسات التعليمية اليابانية.. أما من كانت تعتذر لهم و الدموع تجري من عينها فكانوا طلبتها.
سعدت و تشرفت اليوم يأن استمع لهذه القصة من أحد أولئك الطلبة الذين تعلموا من تلك الأستاذة اليابانية درساً لن ينسوه طوال حياتهم… طالب الأمس، و المهندس الخبير اليوم -رجل الأعمال الماليزي- “نور هشام” قدم لنا سمناراً حكى فيه بعض ما مكنهم ليصلوا لما وصلوا إليه في ماليزيا حتى نستفيد من تجربتهم و نلحق بهم. السمنار نظمته جمعية المهندسين الميكانيكيين السودانية -الجمعية الوليدة ذات الأهداف و الغايات الطموحة-.
اهمية التعليم
عن اهمية التعليم كان من أكثر ما ركز عليه المتحدث -و الكثيرين من المعقبين من بعده – هو النواحي القيمية و السلوكية لدى الأفراد. و أوضح كيف أنهم عندما عادوا من الدراسة في اليابان كان الدكتور مهاتير محمد كان يسألهم أولاً عما تعلموه و كان يعني بذلك ما تعلموه من عادات و سلوكيات و دوافع تفيدهم في نهضة بلادهم.
ركز المتحدث للغاية لما للتعليم من دور في هذا الجانب، و كيف أنهم اهتموا به لأبعد الحدود. حكى أيضاً تجربتهم عندما كانوا يعملون في أحدى المؤسسات كيف أنهم كانوا يصلون قبل مواعيد مداومة عملهم بنصف ساعة، فيمارسوا بعض التمارين الرياضية الخفيفة، ثم يقوموا بتلاوة القرآن و يتفاكروا ويتناصحوا في بعض أمور دينهم أو دنياهم.. ثم في تمام الثامنة يكون كل واحدٍ منهم قد بدأ في عمله.
تحدث عن كيف أنه كان يتم التعامل بصرامة مع موضوع الوقت. مثلاً كان حساب التأخير يكون بالدقائق. كل دقيقة يتأخرها الموظف يتم تغريمه مبلغ من المال ليس باليسير. في هذا النقطة أكد على أن الغرض من مثل تلك الغرامة لمن يكن مجرد العقوبة، بل كانت وسيلة لضبط سلوك الأفراد و توجيههم نحو الأفضل و قد كان.
التحول إلى الصناعة
تحدث أيضاً عن رؤيا دكتور مهاتير محمد -في ذلك الحين- لتحويل ماليزيا من دولة زراعية إلى دولة صناعة وفي طموحه للوصول لما وصل إليه اليابانيون رغماً عن كل ما كانوا يعانون منه في ماليزيا. و كيف أنه اهتم بأن تنشر ثقافة الأعمال لدى المجتمع الذي كان لا يرى غير الوظيفة كوسيلة لجلب الرزق و ذلك لما في الأعمال من مخاطر متصورة -كما هو الحال عندنا.
أوضح المتحدث كذلك كيف أنهم تعاونوا مع اليابانيين لينتجوا سيارات محلية. و بعد عام واحد استطاعوا أن ينتجوا سياراتهم الوطنية “شركة بروتون”. كما أوضح أن التركيز على صناعة السيارات كان لما توفره من فرص عديدة للأعمال و بهرن على ذلك بأن هناك العديد من الموردين للشركة (أصحاب الأعمال التي بدأوها صغيرة) أصبحوا من المليارديرات.
اهمية التخطيط و وضع الأهداف
تحدث أخيراً عن ضرورة وضع الأهداف و الرؤى -المجمع عليها و يتبناها الجميع -التي تساعد في الوصول لما نرمي إليه -وكذلك وضع الأهداف على المستوى الشخصي- وفي هذا السياق، أشار إلى بعض النماذج و الأساليب الإدارية المفيدة مثل
- 5WH: Why, What, Who, When, Where and How
- 4Ms: Manpower, Machine, Material and Method
- PDCA cycle: Plan Do Check Act

أخيرا، اترككم مع هذا المقطع الذي يحكي بإيجاز نهضة ماليزيا على يد الدكتور مهاتير محمد
هذا و صلى الله على سيدنا محمد و علي آله و صحبه و سلم.
مقالات سابقة متعلقة بالتخطيط
مقال جميل جزاك الله خير الجزاء