أحسن

معارف، عادات و مهارات لحياة أحسن

التخطيط الشخصي
التخطيط

التخطيط الشخصي مهم لتجنب التشتت والأهداف السلبية

التخطيط الشخصي من الأهمية بمكان. في هذا المقال نتناول ذلك الموضوع 

بنيامين فرانكلين، الشخصية المؤثرة و مقولته المشهورة

هناك مقولة تنسب لبنيامين فرانكلين – الذي يعتبر واحداً من أهم “الآباء المؤسسين” لدولة أمريكا، لدرجة أنه في هذا العام 2014 سيكمل بنيامين عامه المائة و صورته متربعة على وجه عملة  ورقية هي الأكثر تداولاً في أمريكا و ربما في العالم بأسره ألا و هي فئة المائة دولار. مائة عام من أصل عمر هذه العملة الورقية الذي لم يتجاوز المائة و خمسين عاماً إلا قليلاً. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة ذلك البنيامين عند الشعب الأمريكي أو فلنقل عند ساسة الشعب الأمريكي و قادته. المقولة المشار إليها سابقاً يقول فيها هذا البنيامين: “إذا فشلت في التخطيط فأنك تخطط للفشل”.

أهمية التخطيط الشخصي
فئة المئة دولار يظهر فيها بنيامين فرانكلين

لا شك أن التخطيط مهمٌ للغاية، مهمٌ في كل المستويات.. بداية من الفرد (التخطيط الشخصي)، يساعده في أن يركز جهوده و يوجهها صوب أهدافه.. و يمكنه من أن يؤدي أعماله بفعالية و بكفاءة عالية.. و مروراً بالأسرة و المجتمع و صولاً إلى الدولة ثم الأمة.

كنت قد بدأت في كتابة هذه التدوينة عن التخطيط في بداية هذا العام، ولم اكتب فيها سوي بضعة أسطر، لكن قبل عدة أيام كان أن دار بيني و بين بعض الأصدقاء و الأخوة الأجلاء -و بيني وبين نفسي أحياناً- دار بعض الحوار دفعني لأن أخلص إلى نظرية في التخطيط -مشكلتي الكبيرة في هذه البسيطة أني كثير و سريع التنظير و أغلب تنظيري إن لم يكن كله لا يسمن و لا يغني من جوع- فعدتُ لأكمل كتابة التدوينة و اعرض فيها النظرية.
التخطيط الشخصي

ذكاء عالي و مقدرات كبيرة، و لكن نتائج متواضعة!

قبل أن أعرض النظرية، سأسرد مقتطفات مما حصل مع أولئك الأجلاء -و بعضا مما حصل معي- و أيضاً بعض المواقف الخيالية من بنات بنات أفكاري، لكن في شكل أحداث و مواقف يعيشها الشاب “عامر”.

عامر شخصية افتراضية، في السابعة و العشرين من عمره، تخرج منذ أربع سنوات، عمل خلال تلك السنوات الأربع في عدد من الشركات و الوظائف المختلفة بلغ الخمس وظائف.
عامر بشهادة الكثير ممن يعرفونه، شابٌ حباه الله بقدر من الفطنة و الذكاء، و مما يدلل على ذلك حصوله على درجة عالية في الامتحانات النهائية للمرحلة الثانوية التي درسها في اليمن عندما كان هناك مع أسرته، و كذلك تفوقه طيلة دراسته الجامعية.
بالرغم من ذلك النبوغ و التفوق، لم يكمل عامر خلال مسيرته المهنية القصيرة سريعة الإيقاع، لم يكمل أكثر من عام في أيٍ من الوظائف التي عمل بها، الأمر الذي يقلق عامر كثيراً و يقلقنا نحن كذلك. لذا دعونا ندلف إلي الموضوع و نواصل سيرة عامر في سانحة أخرى.

قصة عامر، قمة التشتت في الحياة

 قبل عدة أيام يحكى لي عامر عن أمرٍ يزعجه مؤخراً -و ربما منذ فترةٍ ليست بالقليلة-، وهو أنه لا يستطيع التركيز في النشاطات العديدة التي يقوم بها في هذه الأيام أو تلك التي هي عالقة في ذهنه و هو بصدد القيام بها. فعامر في هذه الأيام يتعلم اللغة الألمانية التي بدأ دراستها منذ عدة أشهر، فهو منذ فترة ليست بالبعيدة بدأ يفكر في السفر إلى ألمانيا ليدرس فيها أو ليعمل إذا تيسر له ذلك. وصل عامر إلى المستوى الرابع من أصل المستويات الستة المطلوبة كحدٍ أدنى للحصول على إذن الدخول لألمانيا. لكنه للأسف يجد صعوبة في أن يتابع دروس اللغة، ذلك لأنه انشغل بأمرٍ آخر أصبح يأخذ قسطاً كبيراً من جهده و لا سيما تفكيره.
ذلك الأمر هو أن لديه بعض الأصدقاء التحقوا مؤخراً بإحدى الجامعات السعودية المرموقة بعد أن تحصلوا على منحة دراسية لمواصلة دراساتهم العليا فيها، فأصبح صاحبنا يفكر جدياً في أن يلتحق بأصحابه و يتقدم أيضاً بطلب للحصول على المنحة الدراسية، خاصة و أن جميع المطلوبات للقبول في تلك الجامعة و للحصول على المنحة تنطبق عليه تماماً، ما عدا أمر وحيد و ألا وهو الحصول على شهادة إجادة للغلة الإنجليزية. فأصبح عامر مؤخراً يفكر في الإعداد و الجلوس لامتحان الحصول على تلك الشهادة. 
أثناء تلك الفترة اتصل عليه صديقه من الإمارات -الإمارات التي كان عامر قد تقدم منذ حوالي العام للعمل فيها و لكن لم يوفق في ذلك- فإذا بصديقه يخبره عن نيته هو أيضاً للحصول على شهادة إجادة اللغة الإنجليزية و يدعوه لزيارة الإمارات في الفترة القادمة عسى أن يتمكن من الحصول على وظيفةٍ ما، و هكذا أصبح صاحبنا يفكر مرة أخرى في الذهاب إلى الإمارات لأنه بهذا سيضرب عصفورين بحجرٍ واحد، فعلاوة على احتمال تمكنه من الحصول على وظيفة، فإنه سيجد رفيقاً في الإعداد لامتحان اللغة الإنجليزية. 
عوداً لموضوع الدراسات العليا، عامر كان قد بدأ منذ فترة في إعداد بعض ما يلزم للزواج، فهو قد أكمل بناء مسكن صغير في فناء منزل أسرته، و اشترى بعض المستلزمات الأساسية للمنزل، بعضها اشتراه بأقساط تبقى لإكمالها بضعة أشهر، لذا فسفره للدراسة خارج البلاد قد يتعارض مع فكرة زواجه التي شرع مسبقاً في تنفيذها.

نظرية الأهداف السلبية

بعد سماع كل تلك القصص و المواضيع التي يعيشها عامر، إليكم النظرية التي صغتها -نجرتها- أسميتها “نظرية الأهداف السلبية” وأنا على يقين تامٍ أنكم جميعاً توصلتم إلى مكمن المشكلة في حياة عامر. و هو أن من الواضح أن هدف عامر الرئيسي في هذه المرحلة من حياته كان هو النفاد بجلده من البلاد، يود فقط أن يخرج من بلده إلى أي مكان آخر، ألمانيا، السعودية، الإمارات، أو غيرها. و في سبيل تحقيقه لهذا الهدف غير واضح المعالم و الدوافع يجرب عدة طرق تتشتت جهوده بينها، لا يصل في تلك الطرق إلى نهاياتها، وإن وصل، يبدأ في التساؤل: هل ما وصل إليه هو فعلاً ما يريده؟  فيبدأ مرة أخرى -هارباً مما آل إليه الحال- في تحقيق أهداف سلبية جديدة. 
إذاً ماذا يفعل عامر؟ و كيف يفلت من فخ الأهداف السلبية؟ و قبل ذلك، ما الذى رمى به أصلاً في هذه الدوامة؟ … هذا ما سنحاول الإجابة عنه في مقبل الأيام إن شاء الله إن كان “للنظرية” و للعمر بقية. 

شكرا لك على مرورك على المدونة. اذا اعجبك المحتوى أرجو منك مشاركته مع من تحبون. ذلك يساعد في أن يصل المحتوى لعدد أكبر من الناس.

الآن أترككم مع هذا المقطع

و يسعدني كذلك تواصلكم معي عبر تويتر في @mgeedismail

مع تحياتي

مقال عن التخطيط الاستراتيجي القومي